-A +A
عبدالمحسن هلال
تصر إيران على صبغ أطماعها في الدول العربية بصبغة دينية لكسب تعاطف ضعاف النفس من شيعة العرب لتغطية تمدد نفوذها سواء في العراق وسوريا أم في اليمن، فتكسب منهم إما تأييدا علنيا مفضوحا أو ضمنيا تغلفه التقية أو طابورا خامسا يعمل لصالحها بصمت. التاريخ السياسي وتاريخ الحروب البشرية منذ انبثاق التاريخ لا يعترف بالحروب الدينية، هناك دائما أسباب اقتصادية وراء كل الحروب، قد تغلف بالدين لخداع البسطاء، أو بالسياسة لخداع المتحمسين لقومية ضيقة أو وطنية فاشية، الحروب الصليبية مثلا أو حتى الحربين العالميتين الأولى والثانية لم تنشب جميعا إلا لأسباب اقتصادية وحماية لمصالح تجارية أو للسيطرة على أسواق أو الاستيلاء على سلع استراتيجية.
صمت وضعف العرب شجع إيران كما شجع (إسرائيل) قبلها على المضي قدما في مشاريعها، وبلغت ذروة الغرور الإيراني عندما أعلن قائد قواتها في العراق عن تمدد الامبراطورية الفارسية وعاصمتها بغداد، كان هذا الإعلان القشة التي قصمت ظهر البعير، حتى أن معظم مناصريها في العراق وسوريا، ممن اكتووا بنيران وهمجية الدواعش، بدأ في التراجع عن تأييدها عندما اتضحت حقيقة نواياها، وبدا كأنما الدواعش كانوا حصان طروادة لدخول إيران إلى عواصم الشمال العربي. في اليمن لعب الحوثي ذات الدور، وعندما تمكن بفضل الخيانة العربية، المتمثلة هذه المرة في رئيس اليمن السابق، قارون عصره على حساب شعبه، ظنت إيران أنها أحكمت فكي الكماشة على جزيرة العرب، وأنه لم يبق للعرب سوى الاستسلام والصمت.

قادت المملكة ائتلافا عربيا، لم ترده سنيا، ولكن تأييد كل من باكستان وتركيا، أعطاه ذلك البعد ليسلب ويكشف أوراق إيران الدينية، هنا كمن خطأ إيران الاستراتيجي بمواجهة المملكة باستخدام بعدي السنة والشيعة وهي تعلم أنها ركن السنة العتيد وهم الأغلبية الساحقة بين المليار والنصف مسلم، ففقدت تعاطف العرب والمسلمين حول العالم. يظل موقف أمريكا المريب وتناقضه بين اليمن والشام، فهل تريد أن تقول للعرب لكم اليمن الفقير ولإيران الشام بكل خيراته، قسمة ضيزى تلك ولن يرضاها لا عرب اليمن ولا عرب الجزيرة ولا عرب الشام، ذلك أن العرب ومصالحهم واقتصادهم واحد، ولعل أبلغ رد جاء من وزراء خارجية العرب بتشكيل قوة عربية مشتركة، لو خلصت النيات في تفعيلها ستعرف إيران حقيقة حجمها وحجم تهديدها النووي الذي سينالها شره قبل غيرها، وتظل للعرب خياراتهم.